صورة الأمريكية التي تركب دراجة
قصة طويلة ولكنها مهمة ...
هل تذكرون الصورة الشهيرة في 2017 للسيدة الأمريكية التي كانت تركب دراجة هوائية وحينما لمحت موكب ترامب الرئاسي يمر بالقرب منها، قامت بأداء حركة غير لائقة تدل على إعتراضها عليه!!
وقتها انتشرت الصورة بشكل كبير وتداولها ملايين البشر كدليل على شجاعة المرأة وعلى حرية التعبير في أمريكا والتي مكنت مواطنة عادية من توجيه إهانة معنوية لرئيس أقوى دولة في العالم وهي على بعد مجرد خطوات منه، كانت صورة خاطفة لكنها غيرت تاريخ المرأة تمامًا!!
فجولي بريسكمان "وهو اسم المرأة" ذات الخمسين عامًا وقتها والأم لطفلين، والتي كانت مسؤولة تسويق بإحدى شركات المقاولات الخاصة التي تتعامل مع الحكومة الفيدرالية في ولاية فرجينيا لم تكن تتوقع رد الفعل العنيف من إدارة شركتها، حيث تم طردها بعد أن أخبرتها الإدارة أنها قد انتهكت قوانين الشركة في عدم أضرار أي موظف بأعمال الشركة -حيث إعتبرت الإدارة أن سير العمل مع الحكومة قد يتضرر بسبب الإنتشار الكبير للصورة-.
المدهش أن رد الفعل الشعبي كان سريعا وعملاقا، فقد تم التضامن الواسع مع السيدة جولي مع تسميتها "She-ro" على وزن "Hero" في إشارة إلى كونها بطل شجاع بما فعلته، كما تم توافد العديد من المواطنين على منزلها على مدار أسابيع ليعلنوا تضامنهم معها ثم تطور الأمر لتدشين حملة تطالبها بالترشح في الإنتخابات القادمة لمدينتها والتي كانت وقتها تنتخب الجمهوريين لسنوات طويلة، وبالفعل فقد تم إطلاق هاشتاج خصيصًا لها لمطالبتها بالترشح.
لكن مهلا فلم ينتهي الأمر هنا، فما حدث لاحقًا كان أكبر مما يتخيل أحد!!
ففي خلال أيام تم عرض العديد من الوظائف عليها من مديري شركات كبرى متعاطفين معها، ثم تطوع العديد من المحامين والجمعيات الحقوقية لإقناعها برفع دعوى قضائية ضد شركتها السابقة التي فصلتها بدون وجه حق وبالفعل رفعتها، ثم تطوع أحد المتضامنين معها بإطلاق حملة لجمع مبلغ مالي كدعم لها، وبالفعل إنهالت التبرعات في خلال أيام ليصل المبلغ الذي تم تسليمه لها إلى 142 ألف دولار من أكثر من 5500 شخص!!
هل تظن أننا وصلنا إلى النهاية السعيدة؟!
حتى الآن لا، فما حدث بالأمس هو شيء يفوق الخيال فعلا، حيث فازت السيدة جولي بريسكمان بسباق الإنتخابات ليلة أمس وحصلت على مقعد في مجلس مقاطعة لوودون في ولاية فرجينيا وهزمت الجمهورية سوزان فولب التي استولت على المقعد لمدة ثماني سنوات كاملة.. فازت من كانت بالأمس القريب مجرد إمرأة عادية مطرودة من عملها بسبب إنتقادها للرئيس!!
فازت وصنعت لها مجد سياسي وما زالت كلماتها تدوي في أذني حينما قالت: "أعتقد أنه لا ينبغي إجبار الأمريكيين أبدًا على الاختيار بين مبادئهم ومرتباتهم".
وحينما سألتها وسائل الإعلام حينها: "هل لو عاد بك الزمن، لما فعلت ما فعلت واحتفظت بعملك؟" لتقول: "لا طبعا، فأنا لا أريد عملي السابق، أنا فقط أريد التأكيد على أن العمل لدى شركة تتعامل مع الحكومة يجب أن يوفر لك فرصًا أكبر وليس العكس، ويجب ألا يحد من قدرتك على انتقاد تلك الحكومة في أي وقت تريده."!!
هذا مجتمع حر وبلد قانون.. خرجت منه إمرأة حرة تقول لا بصوت عالٍ لا تخشى أحدًا.. فكافئها الناس والتفوا حولها ولم ينفضوا عنها حينما إحتاجت لهم..