بائعة اللقيمات
بائعة اللقيمات..
قصة مؤثرة جداً حدثت في السودان
قصة حقيقية لاحد المعلمين بمنطقه ريفى المناقل كان يُدَرِّس فى مدرسه للبنات فى الصف الثالث ابتدائي ، وفي كل يوم كان يرى خارج الفصل بجانب النافذه طفلة مسكينة وجميلة تكسوها البراءة تبيع اللقيمات ، وقد بلغت سن المدرسه لكنها لم تدخلها بسبب الوضع المادى لأسرتها ، فلديها اربعة اخوه صغار ووالدهم متوفى وهي تسهم مع امها فى مصاريف معيشتهم ببيع اللقيمات عند المدرسه ، فساعدت إخوتها بأن يدخلوا المدرسه ويكملوا تعليمهم
كان الاستاذ يشرح للطالبات درساً في الرياضيات و بائعة اللقيمات تتابعه من شباك الفصل وهي بالخارج ، ثم سأل الأستاذ الطالبات سؤالاً صعباً وخصص له جائزة ، ولم تجيبه أي طالبه ، وتفاجأ ببائعة اللقيمات تؤشر باصبعها من خارج الشباك وتصرخ : استاذ استاذ استاذ ، فأذن لها المدرس بالإجابة .. وأجابت وكانت اجابتها صحيحه ...
منذ ذلك اليوم راهن عليها الأستاذ ، فتكفل برعايتها وبكل ما يلزمها من مصروفات مدرسيه على نفقته ، واتفق مع مدير المدرسة على ان يتم تسجيلها كطالبة بالمدرسة وتشارك بالإختبارات دون دخول الفصل لعدم قدرتها على تحمل مصاريف المدرسه ، وأن يجعلها تبدأ من الصف الثالث كمستمعه لتتعلم ولو الشيء البسيط من التعليم ، واتفق مع جميع مدرسي المواد الأخرى على أن تظل الفتاة تسمتع من الشباك إلى كل الحصص وهي خارج الفصل ، فاجمعوا على الموافقة على مغامرته واخبر هو والدتها بذلك ، وفرض المدرس على الفتاة أن تترك بيع اللقيمات وتتفرغ للتعليم ويتولى احد اخوتها البيع بدلاً منها ،
وكانت المفاجاه عندما ظهرت نتائج الإختبارات ، فقد كانت هي الاولى على المدرسه ، وسارت على هذا النهج برعاية الأستاذ وإشرافه اليومي عليها الى ان اوصلها إلى صف الأول متوسط ،
وهنا فارق الاستاذ السودان للعمل بالخارج ، ولم يكن هناك هواتف فى ذلك الوقت لكي يواصل متابعة أخبارها ، وقد كبر احد اخوتها وعمل بعربه كارو لبيع الماء وبقى يصرف عليها ، وانقطعت صلتها بالأستاذ لمدة اثنى عشر عاما ،
وبعد غياب سنوات عديدة عاد الأستاذ إلى السودان ، وكان لديه زميل بالدولة التي كان يعمل فيها ، وزميله هذا لديه ابن بجامعة الخرطوم كلية الطب ، وطلب زميله منه ان يرافقه للجامعه ، واثناء دخوله الجامعه مع صديقه مكث بعض الوقت فى الكافتيريا ، فاذا بفتاة على قدر من الجمال تحدق فيه بشوق وقد تغيرت معالم وجهها عندما رأته ، وهو لم يعلم لماذا تحدق فيه بهذا التأثر ؟ فسال ابن صاحبه إن كان يعرف هذه الفتاة وأشار إليها خفية ، فأجابه : نعم بالطبع إنها دكتوره تُدَرِّس طلاب كلية الطب دفعة السنة السادسة والأخيرة ... ثم سأل الطالب الأستاذ : هل تعرفها ؟ قال : لا ولكن نظراتها لي غريبه ،
وفجأة وبدون مقدمات جرت الفتاة نحوه واحتضنته وعانقته وهي تبكى بحرقة بصوت لفت أنظار كل من كان بالكافتيريا ، وظلت تحضنه لفترة من الزمن دون مراعاة لأي اعتبار ، وظن الجميع أنه والدها ، وأجهشت بالبكاء حتى أغمي عليها ... وتم اسعافها ... وبعد فترة صحت من نوبة الإغماء وتمالكت اعصابها ونظرت إليه وقالت له : ألا تذكرني يا أستاذي ؟ انا الطفلة اللي كانت حطام إنسانه وحضرتك صنعت منها إنسانه ناجحه ، أنا الطفلة اللي حضرتك كنت السبب في دخولها المدرسة وصرفت عليها من حر مالك حتى وصلت إلى ما وصلت اليه وذلك بفضل الله ثم رعايتك واهتمامك وموقفك الإنساني الفريد ، انا ابنتك فلانة ( بائعة اللقيمات ) ...
وهنا قال الاستاذ :
لأول مرة أحس اني معلم و ..إنسان
تحية لكل معلم، وتحية لكل من علمنا حرفا وزرع في قلوبنا معنى الحياة و ..العطاء