النساء الزرافات
النساء الزرافات
يُعتبر الطول دلالة على الجمال لدى الكثير من شعوب العالم، لكن هنالك شعب يُدعى البادونغ يُفضل الرقاب الطويلة لدرجة أن نساء ذلك الشعب يملكن رقاباً بطول 30 سم كما لو كنّ من الزرافات.
ففي العام 1935 زارت ثلاث نساء من شعب البادونغ مدينة لندن، ولفتت أولئك النساء أنظار الكثيرين وأحاط بهم المارّة في كل مكان يذهبن إليه.
شعب البادونغ هو مجموعة عرقية تعيش بين تايلاند وميانمار، وتتميز نساؤه، بوضع حلقات من النحاس تسمى خواتم الرقبة حول أعناقهن، ولا يخلعونها مرة أخرى، ويتسبب ذلك بزيادة طول الرقبة لتصبح طويلة جداً.
حين تصل الفتاة الصغيرة من شعب البادونغ إلى سن خمس سنوات، وفي توقيت تحدده العرافة ليكون مباركا، يتم وضع أولى الحلقات النحاسية أو الذهب حول رقبتها، فيتم وضع الحلقات الأولى بارتفاع حوالي 10 سنتيمترات، وبعد عامين، يتم وضع حلقة أخرى، ثم حلقات أخرى حتى تصل الفتاة إلى سن 21 عاما، سن الزواج.
حين يتم الانتهاء من وضع جميع الحلقات، قد يصل ارتفاعها إلى 30 سنتيمترا، ووزنها إلى 9 كيلوجرامات، هذا الارتفاع والوزن، يعطي الإيحاء بأن الرقبة صارت طويلة للغاية، لكن الواقع إن هذا مجرد وهم، أما الحقيقة فهي أن الحلقات النحاسية تدفع الترقوة وعظام الكتفين والقفص الصدري إلى أسفل، يوما بعد يوم وعاما بعد عام، هذا التشوه الذي يصيب الصدر والكتفين، هو ما يعطي الانطباع بأن الرقبة صارت طويلة جدا.
اختلفت الدوافع والتفسيرات وراء عادة "النسوة الزرافات"، فقد قيل أن السبب هو إبعاد الأعداء عن نساء البادونغ بعد منحهن هذا المظهر غير الجذاب، وقيل على العكس تماما إنها محاولة لجعل النساء أكثر جاذبية في ثقافة البادونغ، وقيل إنها عادة نشأت للتشبه بالتنين، الكائن المهم في ثقافتهم، وقيل إنها للحماية من عضات الحيوانات المفترسة، أما النسوة الزرافات أنفسهن، فكن يجبن على السؤال بالقول إنها عادة ترتبط بهويتهن وجمالهن.
اندثرت عادة النسوة الزرافة بالتدريج، لكنها لا زالت موجودة لدى كبار السن، ولدى الفتيات في القرى التايلاندية الفقيرة، اللواتي يرتدين الحلقات لأنها تجذب السياح مما يزيد موارد القبيلة.
هل ترى أن ما تفعله أولئك النساء يزيد من جمالهن أم العكس؟