أسطورة سرير بروكرست

<div class="sharethis-inline-share-buttons"></div>
 

أسطورة سرير بروكرست : (Procrustean bed)‏ نسبة إلي الشخصية اليونانية بروكرست، حيث كان حداداً وقاطع طريق من أتيكا، وكان يهاجم الناس ويقوم بمط أجسادهم أو قطع أرجلهم لتتناسب أطوال أجسادهم مع سريره الحديدي.

إنه سريرٌ لا مثيل له بين الأَسِرَّة إذ كان يتميز بميزةٍ عجيبه.. هيَ أن طوله لا يتلائم دائماً مع مقاسَ النائم أيّاً كان، غير أن بروكرست لم يكن يتطوع بتفسير كيف يتأتَّى لسريره أن يكون على مقاس الجميع على اختلاف أطوالهم

 

 حتى إذا ما اضطجع الضحيةُ على السرير بدأ بروكرست عمله، فجعلَ يربطه بإحكامٍ و يشدُّ رجليه إن كان قصيراً ليمطهما إلى الحافة أو يبترهما بَتراً إن كان طويلا ليَفصِل منها ما تجاوز المضجع، حتى ينطبق تماماً مع طول السرير وظل هذا دأبه إلى أن لَقيَ جزاءه العَدل على يد البطل الإغريقي ثيسيوس الذي أخضعه لنفس المَثُلة، فأضجعه على السرير ذاته وقطع رقبته لينسجم مع طول سريره. 

وتنتهي الأسطورة عند هذا الحد، ولكن لا تنتهي المعاناة، فإن تلك الشخصية الأسطورية لم تمت إلا جسدًا، أما روحها فهي حاضرة في جسد واقعنا الذي يتشكل في أسماء وألقاب بارزة، حاضرة وبقوة في مجتمعاتنا العربية التي تعيش ككائن آلف الظلام واعتاده، فإذا ما عرضناه للنور هاجمك، وتفلت منك حتى يعود لظلامه 

وهكذا يفعل البعض عندما تواجهه بحقيقة ما يمر به المجتمع من فساد وأخطاء ينبغي علينا طرحها على طاولة الفكر، ولكننا نفاجأ بردة فعله، فإنه يركلها بقسوة معلنًا أن في الظلام تتساوى الحقائق، ويتلاشى الاختلاف، وأنا وجدنا آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مقتدون

 أن مجتمعنا العربي  عموما ًيحمل سرير بروكرست معه في كل جلسة للحوار، ناسياً أنه كما لأقدامنا مقاسات فإن لأفكارنا مقاسات تأبي المط أو التشكيل أو القولبة، فإن الفكرة وإن حبسها جسد من لحم ودم، فإنها تأبى أن تكون سجينة لحم ودم، بل إنها تسعى للإفصاح عنها وإن حاربها الجميع وطمسها البعض فترةً، وإن رموها بالرصاص، فإنها مضادة للرصاص لا تموت بموت صاحبها، بل بضعف إيمان حامليها.

منقول